قصتي عندما كنت بالسجن

السجن عالم غريب , مليء بالعجائب والأحزان

عندما تدخل السجن تنقطع عن الناس بلا جوال ولا كمبيوتر ولا تلفاز.

تدخل من باب إلى باب ومن سرداب إلى سرداب وهذا قفل يفتح وذاك قفل يغلق .

لم أدخل السجن لقضية أمنية .

دخلت السجن لألقي كلمة دينية , ولأفسر بعض رؤى المساجين
أخرجهم الله سالمين غانمين , عاجلاً غير آجل

بعد أن نسق معي الإخوة بالتوعية الدينية بذلك السجن وفقهم الله

ألقيت كلمة بسيطة

مليئة بالدعابة ومزخرفة بالقصص ومزينة بالأشعار النبطية .

وذلك تلطيفاً للجو , وزرعاً للأنس , ورسماً للابتسامة

وبعد ذلك بدأ تعبير الرؤى

وكان مسئول التوعية (وهو شيخ فاضل)
يقرأ لي من الأوراق التي كتبها المساجين

ثم أقوم بتعبير تلك الرؤيا
فذكر لي رؤيا أحدهم

وسبحان من أجرى الحق على لسان يوسف

كان تعبير تلك الرؤيا أن رأس رائي الرؤيا يسلم رأسه من القصاص بإذن الله
فذكرت له ذلك وأنك ستخرج من السجن سالماً بإذن الله

الله أكبر

وإذا بالأصوات والحمد والشكر يرتفع
والأنظار كلها تتجه لشخص
ملتحي (لحية كثيفة مختلطة بالسواد والبياض)

فقالوا هذا إمام مسجد السجن
تائب ومقبل على الله منذ اثنا عشرة سنة

محكوم عليه بالقصاص (ولكن يوجد قصــر لم يبلغوا)
فلم ينفذ الحكم إلى الآن

سبحان الله
بعد عدة أسابيع يتصل بي رقم غريب ....من بطاقة اتصال

اتصل عصراً فلم أرد عليه (لأن موعد تفسير الرؤى بعد العشاء)
واتصل من الغد وكرر اتصالاته
فلم أرد
واتصل بي من بعد يومين (عصراً)

رددت عليه

وقال السلام عليكم ياشيخ جميل أنا سجين
ولا أستطيع أكلمك إلا هذا الوقت
أسف على ازعاجك.

قلت له : أسأل الله أن يردك لأهلك سالماً وأن يخرجك عاجلاً

فقال لي : رأيت أني على ركبتي والناس مجتمعة ليشاهدوا قصاصي وأنا مطأطئ رأسي..
فقمت وسلمت على شاب اسمه محمد .....
إيش تعبيرها ياشيخ؟

قلت له أنت محكوم عليك بالقصاص صح !
قال نعم

قلت :يأتي الحكم بالقصاص ثم يتنازل اللذي عليه الحق واسمه محمد.....

كبُر وقال والله العظيم يا شيخ انه صدر الحكم بالقصاص
الشهر الماضي وقام اخوي يتأجيل الحكم ويتدخل مشايخ الآن يتوسطوا بالخير
واسم ابن المقتول محمد .
وأنا مسجون الآن من أكثر من ثلاثة عشر سنة
وأبشرك ياشيخ إني عرفت ربي وتبت واستقمت من أكثر إثنا عشرة سنة
وأنا مؤذن وإمام مسجد السجن من ذلك الوقت .

دعوت له وبشرته بخير
وذكرته بالله والدعاء بصدق بأن يسأل الله
أن يشرح صدر من بيده أمر القصاص ليتنازل

اللهم يارب وفق ذلك السجين لكل خير
وتعلم أنه تاب إليك وأقبل عليك

اللهم رده لأهله وأبنائه وسلم رقبته من القصاص
يارب العالمين


كتبه راجي عفو ربه:
جميل ابراهيم الحواس